التمثال ، قصة قصيرة
حسين فيلالي
عندما أحست بالضفدعة تنظر إلى نصفها السفلي زادت من درجة انفراج رجليهـا ، وتعمدت إظهار مفاتنها، تحركت الضفدعة ، جحظت عيناها ، فغرت فاها ، ولما أيقنت أن الضفدعة قد سقطت فـي الشراك، تظاهرت باللامبالاة .
دخل القط يبصبص بذيله القصير ، راح هـو الآخر يلتهم بعينيـه الضيقتيـن نصفها السفلـي ضيقت من درجة انفراج رجليها ، تحرك القــط بعصبية ، سقط الكرسي الحديدي محدثا صوتــا مزعجا ، ولمـا تأكدت من أن رجليه الأمـاميتين قـد غطستا في الصمغ انشغلت بتصفيف شعرها .
دخل الغـراب ، اتجـه ببصره الحـاد صوب انفراج رجليها ، نعق ، طار، نفض جناحيه ثم حط قبالتها. لحق به الذئب الهـرم يجـر رجليه، نظـر إلى نصفهـا السفلي ،سال لعابه ، بصبص بذيله في مكر، كشـر عـن أنياب صدئه، ابتسمت وأشارت إلى الذئـب، والغـراب أن انصرفـا.
خرجت الضفدعـة من مخبئها، أعلنـت عـن اجتمـاع طارئ لمجلس الحيوانـات ، تحلقوا حول الملكة ، قالت الضفدعة :
نريد أن نبني تمثالا لجلالـة الملكة، ونحتـاج إلـى أمـوال .
قال الغـراب:
نرفع الضرائب، ونجمع التبرعـات ، فلقد عهدنا الشعب سخيا طائعـا.
قال الذئـب:
لقد تعلم الشعـب زيادة عـن اللـزوم ، واكتسبت صحته مناعة، لم يعد معهـا فـي حاجة إلى رعاية صحية، ورأيي أن نستغني عـن بنـاء المدارس، و المستشفيات ، ونحول أموال المشاريع لبـناء تمـثال الملكـة .
رفع الجميع أيديهم ، موافقون ، موافقون .
قالت الضفدعة :
وكيف ترون تصميم تمثال جلالة الملكة ؟
قال الذئب الهرم :
اقترح أن يكون من الذهب الخالص ، وأن نجعله على هيئة امرأة عارية، تقديسا لجسد الملكة .
صاحوا : نعم الرأي ، نعم الـرأي .
كتبوا التقرير ، أرفقوه بتصميم التمثــال ، رفعوه إلـى الرئيس، استحسن الصنيع، وحسـن الـتدبير واقترح ترقيتهم من نواب محليين إلى نواب أمـة .
في أول اجتماع لهم، شرعوا قوانيـن هامة، غيروا بموجبها رمز الأمة ، جعلــوه على شكل امرأة عارية ، وسنوا عيدا سنويـا، سمـوه عيـد الجسـد المقدس ، وطالبـوا المواطنيـن بصنـع أعلـمة حمــراء في وسطهــا امرأة عارية، وأجبروهـم على رفعها فـوق أسطـح البيـوت .
كان الاحتفال بعيد الجسـد المقـدس يقام في الساحات العمومية، بعد منتصف الليل، يختلـط الذكـور، والإناث، يتجـرد الجميـع ممـا يستـر أجسامهم ، وتطفأ الأنـوار ، وتستبـاح الحرمات حتى إذا كان الهزيع الأخيـر مـن الليل، تشعل الأنوار، ويتفرق الجميع .
يحكي مداح القرية المتجول: في يوم مــن أيام عيد الجسد المقدس، أطفأت الأنوار ، ولــم تشغل على غير عادتها ، انتظر الجميع ، طال الإنتظار ، وفي الصباح كانت المفاجأة ، لم يكن هناك من بشر، وإنمـا كانت هنـاك أشبـاح، تشبــه القـردة، والخنازير، يقفز بعضهـا فـوق بعـض.