هكذا واجه علماءُ الجزائر المسيئين لخاتم الأنبياء
ابن باديس أنقذ اليهود من مجزرة ومالك بن نبي زلزل باريسالشيخ العلامة عبد الحميد بن باديستأكد المسلمون عبر العالم، أن مسلسل الإساءة لخاتم الانبياء والمرسلين لا نهاية له، وهو يأخذ أشكالا مختلفة، أبطالها من جِلدة المسلمين، كما حدث في آيات شيطانية، مع الكاتب الهندي سلمان رشدي، أو من المنتسبين للشيعة، كما حدث مع الصفوي الكويتي، الذي اتهم زوجة رسول الله وابنة خليفته أم المؤمنين بالرذيلة، أو مسيحية كما حدث في الكاريكاتير المسيء للنبي في رسومات نشرتها صحف دانماركية ونرويجية، أو من اليهود كما هو حاصل حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية.
وكل هذه التجاوزات لها جذور تعود إلى عهد النبوة، وتواصلت في عهد الكثير من العلماء، ففي عهد الشيخ عبد الحميد بن باديس حيث كان يقطن قسنطينةَ الآلاف من العائلات اليهودية، حدثت فتنة في عام 1934، عندما قام أحد اليهود ويدعى إلياهو خليفي بالسُكر العلني حد الثمالة، واقتحم صحن جامع الأخضر بقلب المدينة القديمة، وراح يسبّ المصلين، ويقول بأنه كشف عن عوراتهم أثناء الوضوء.
ولكن القطرة التي أفاضت الكأس هو سبه للنبي صلى الله عليه وسلم، كما كتب ذلك الشيخ ابن باديس في صحيفة الشهاب، فاشتعل المسلمون وهاجوا وماجوا، ولولا دخل الشيخ ابن باديس والدكتور بن جلول ومفتي المدينة لحدثت مجزرة كبرى، ولكن اليهودي استحسن صبر الشيخ وراح رفقة زوجته من حي رحبة الصوف يواصلان ب النبي واستفزاز المسلمين، إلى أن انقلب الحي رأسا على عقب، فأحرق المسلمون محلات اليهود، في معركة حقيقية أسماها ابن باديس بفاجعة قسنطينة، يث هلك 24 يهوديا، وقُتل رجل قسنطيني، إضافة إلى صبي في عين البيضاء قرب أم البواقي، بعد أن انتشرت الفتنة في أماكن أخرى بعمالة قسنطينة.
واعترف حبر اليهود في ذلك الوقت أنه لولا حكمة الشيخ ابن باديس لما بقي يهودي واحد في مدينة قسنطينة، التي غادروها جميعا قبل استقلال الجزائر.
وقبل هذه الحادثة بأربع سنوات، عاش المفكر
مالك بن نبي في باريس، عندما قرر المفكر الكبير الهجرة لأجل التكوين العلمي في الكهرباء، حيث تخرج كمهندس، وصل مالك بن نبي باريس في شتاء 1930، وعاش وحيدا في غرفة استأجرها، وكان رفيقه الوحيد هو القرآن الكريم، إلى أن خرج مرة يتجوّل في ليل باريس الساحر فدهش لوجود اسم محمد على محل تجاري، فاقترب منه وصُدم بكون المحل هوحانة وصاحبه يهودي، ارتآى تسمية الحانة باسم خير خلق الله.
، فبكى مالك بن نبي وعاد إلى غرفته محطم القلب، وقال كما جاء في الجزء الثاني من كتابه "مذكرات شاهد للقرن" بالتوجه إلى الله في دعاء باكي:
"لماذا يا رب يسبون نبيك المصطفى ولا تزلزل الأرض من تحت أقدامهم"
وما إن انتهى من الدعاء حتى وقع السرير بالمفكر مالك بن نبيالذي لم يأبه للحادثة، ولكنه في اليوم الموالي تفاجأ بقراءته في الصفحة الأولى من جريدة لوموند، لخبر عن وقوع هزة أرضية هي الأولى منذ عشرات السنين في باريس، لم يفهم الجيولوجيون لها سببا، وتزامنت مع دعاء المفكر الكبير بزلزلة الأرض، مالك روى الحكاية وقال للقارئ "لا أجبرك على أن تقول إن دعائي مستجاب"، هكذا تعامل المفكر الكبير ورائد نهضتنا مع الإساءة لخير خلق الله.
المصدر : الشروق أون لاين 14 سبتمبر 2012